قراصنة العصر الحديث- فساد وتلون في الرياضة السعودية.

المؤلف: خالد سيف09.07.2025
قراصنة العصر الحديث- فساد وتلون في الرياضة السعودية.

لم تعد حكايات القرصنة والمغامرين الذين أسرونا بشغف في الأفلام وعلى شاشات التلفزيون مجرد قصص وأساطير محبوكة، بل ما زال يصول ويجول بيننا قراصنة من طراز حديث، يمارسون فنونهم الشريرة على امتداد هذا الكوكب الفسيح. قد لا تراهم يرتدون تلك الأزياء التقليدية المميزة التي اعتدنا عليها، كالأحذية ذات الأبزيم والسراويل الفضفاضة والسترات الأنيقة والقبعات المثلثة الزوايا، ولكنهم لا يزالون منتشرين في البر والبحر، يعيثون فساداً ويخلقون بلبلة في شتى دروب الحياة. ولا أظن أن هذه الآفة ستزول من الوجود حتى يرث الله الأرض ومن عليها. يمكنك أن تميزهم ببساطة من خلال لغتهم الركيكة وعباراتهم المتناثرة التي تثير الاشمئزاز في النفوس، وتبريراتهم الواهية التي تفتقر إلى أي صلة بالنزاهة والصدق، فمعجمهم اللغوي يعج بمفردات الكذب والتضليل وحروف الخداع والغش.

وللأسف، لقد ابتليت الرياضة السعودية ببعض هؤلاء الأشرار، وقد تنوعت أدوارهم ومسمياتهم وألقابهم الخادعة، فهم يتوزعون في كل زاوية من زوايا المنظومة الرياضية، وينتشرون في مختلف وسائل الاتصال والتواصل، ويتغيرون ويتلونون مع كل مناسبة وظرف. ولم تعد أسلحتهم مقتصرة على البنادق والسيوف، بل أصبحت أصواتاً مؤثرة، وظروفاً متغيرة، ومصالح متبادلة، وهم يحققون مآربهم وينفذون مخططاتهم الشريرة دون أن يخسروا رصاصة واحدة، يتطايرون مع كل موجة عابرة، وسفنهم محصنة ضد الغرق والانهيار.

والحق أن قراصنة هذا الزمان لا يشتركون في صفات محددة، بل تتعدد أقنعتهم وحيلهم وشخصياتهم المتنوعة، فهم يتراوحون ما بين مناصر مزعوم للضعفاء والمساكين، وبعض الجماعات الصغيرة من أصحاب النفوذ والامتيازات والنزوات.. وقد تصادف بينهم الشخصية النرجسية المغرورة التي تتضخم لديها مشاعر الأنا والأهمية الذاتية، وتسيطر عليها الحاجة الملحة إلى البحث الدائم عن الإعجاب والاهتمام من الآخرين، وهناك أيضاً الشخصية المهووسة بالتجسس والتنصت على الآخرين، والتي تعمل بضمير ميت وقلب خالٍ من الرحمة والإنسانية، وهو العميل الذي يبحث باستمرار عن مقابل مادي ومعنوي لأفعاله، ولا يبالي مطلقاً بالأمانة والصدق والإخلاص. ولا يفوتنا أن نلقي نظرة فاحصة على الشخصية المخربة الهدامة، التي لا يهدأ لها بال ولا يقر لها قرار قبل أن تلحق الضرر والأذى بالآخرين، وتسعى بكل ما أوتيت من قوة للحيلولة دون سير أو نجاح أي مشروع خيِّر أو مبادرة بنَّاءة. وهناك أيضاً شخصية بالغة الغرابة والخطورة بينهم، ألا وهي الشخصية ذات الوجهين المزدوجة، والتي تعتبر بحق من أخطر الشخصيات التي قد تصادفها في مسيرة حياتك؛ لأنها تظهر لك الجانب المشرق والجميل منها، وتخفي بعيداً النسخة القبيحة والمظلمة التي تستخدمها ببراعة للإيقاع بالآخرين والنيل منهم. والمشكلة الكبرى تكمن في أن هذا النوع من البشر يصعب كشف نواياه الخبيثة في وقت مبكر، فهو يتقن لعب دور المصلح الاجتماعي الظاهري، ولا يتعرى وينكشف على حقيقته إلا بعد فوات الأوان ووقوع الكارثة.. ولا تزال في القصة بقية لم تروَ بعد..

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة